HomeNews

التعاون الاستراتيجى في أمن البحر الأحمر ومضيق باب المندب على اجندة لقاء السيسى جيلة .

زيارة وصفتها الرئاسة المصرية بـ”التاريخية”، فضلا عن كونها الأولى من نوعها، تلك التي أجراها الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى دولة جيبوتي، الخميس، وعقد خلالها قمة مشتركة مع الرئيس عمر جيلة، لبحث ملفات التعاون الأمنية والعسكرية والاقتصادية بين البلدين.

وتعتبر دولة  جيبوتي “ذات ا أهمية استراتيجية كبيرة بالنسبة لمصر، خصوصا مع إشرافها على حركة الملاحة البحرية من مضيق باب المندب، المدخل الجنوبي للبحر الأحمر في اتجاه قناة السويس، فضلا عن أهميتها كأحد دول القرن الإفريقي وشرق إفريقيا، وهو أمر وثيق الصلة بملف سد النهضة الإثيوبي”.

رئيسا مصر عبد الفتاح السيسي وجيبوتي عمر جيلة

ملفات المباحثات المشتركة

وبحضور وفدي البلدين، أجرى السيسي جلسة مباحثات موسعة مع رئيس جيبوتي. وقال بيان للرئاسة المصرية إن جيلة أعرب عن تطلعه لزيادة نشاط القطاع الخاص المصري في بلاده.

وأشار الرئيس المصري خلال المباحثات، إلى وجود “آفاق واسعة لتطوير التعاون الاقتصادي وزيادة التبادل التجاري بين البلدين، وتعزيز التعاون في مجالات مكافحة الفكر المتطرف، والبنية التحتية والطاقة والصحة والطيران وربط الموانئ والتعليم والثقافة، فضلا عن التعاون في دعم المؤسسات الأمنية والعسكرية الجيبوتية”.

وتضمنت مباحثات الزيارة الخاطفة التي استغرقت يوما واحدا، ملفات إقليمية مهمة، من بينها أوضاع منطقتي شرق إفريقيا والقرن الإفريقي، والتعاون في أمن البحر الأحمر ومضيق باب المندب، ومفاوضات سد النهضة.

وتم التوافق بين الرئيسين حول أهمية التوصل إلى “اتفاق قانوني عادل ومتوازن حول ملء وتشغيل السد الإثيوبي، بما يحقق مصالح مصر والسودان وإثيوبيا“..

و قد شكلت 8 دول “مجلس الدول العربية والإفريقية المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن” في يناير 2020، ويضم مصر والسعودية وجيبوتي واليمن والصومال وإريتريا والسودان والأردن، بهدف التنسيق والتشاور حول البحر الأحمر وخليج عدن، وتعزيز أمن الملاحة وحماية التجارة العالمية التي تمر عبر قناة السويس، وتعزيز التعاون السياسي والاقتصادي بين الدول الثمانية، وفق ميثاق تأسيس المجلس“.

تاريخ التعاون

وسبق للرئيس المصري أن التقى أكثر من مرة برئيس جيبوتي، لكن هذه هي المرة الأولى التي يزور فيها السيسي جيبوتي، فيما زار رئيس جيبوتي مصر من قبل، وأجرى مباحثات في ملفات إقليمية مختلفة مع نظيرة المصري.

وفي تلك المباحثات، اتفقا على تعزيز التعاون بين هيئة قناة السويس وسلطة الموانئ الجيبوتية، والتعاون في مجالات الصحة والدواء والتجارة والتعليم الفني، وتصدير واستيراد المواشي واللحوم.

وتعود العلاقات بين البلدين في التاريخ الحديث إلى استقلال جيبوتي عام 1977، حيث كانت مصر في طليعة الدول التي افتتحت سفارة لها هناك، إضافة إلى أنها من أوائل الدول التي رحبت باتفاق الحكومة وائتلاف المعارضة هناك، والذي أنهى الخلاف السياسي بينهما، لكن لم يجر رئيس مصري زيارة لجيبوتي قبل الزيارة الحالية للسيسي.

تطوير السعودية لإستراتيجيتها في البحر الأحمر - المركز الديمقراطي العربي

 يقول ضياء الدين سعيد بامخرمة سفير جيبوتى لدى السعودية فى مقال له بالشرق الاوسط لقد كان البحر الأحمر -وما زال- ذا أهمية استراتيجية وسياسية واقتصادية وأمنية على مختلف العصور، فمنذ القرن التاسع عشر تصارعت من أجله فرنسا وإيطاليا وبريطانيا، ثم الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة في فترة الحرب الباردة، وأخيراً النظام العالمي الجديد.
وبهذه المميزات الجيوبوليتيكية، ارتبط البحر الأحمر بالقرن الأفريقي جنوباً، مثلما ارتبط بقناة السويس شمالاً، ارتباطاً عضوياً مصيرياً، عسكرياً وسياسياً واقتصادياً، فكل منهما له مميزاته الحاكمة وخصائصه المحددة، حتى أصبحا معاً محط أنظار المخططين السياسيين والعسكريين، وموضع اهتمام واضعي القرار السياسي، ومحور صراعات معقدة بين القوى الدولية المتصارعة، وكذلك القوى المحلية والإقليمية المتنافسة.

ويمكن اختزال الأهمية الجيوسياسية للبحر الأحمر  مثلما يقول فى مقاله انه من خلال رصد عدة ملاحظات كالتالي:
أ- يتميز بوقوعه في الوسط بين البحار الشرقية والغربية، أو بين البحر الأبيض المتوسط والمحيط الهندي بشكل أكثر تحديداً، وهو يشبه الجسر العائم بين الشمال والجنوب، وبين الشرق والغرب.
ب- يتميز البحر الأحمر في عصرنا الحالي بأنه يتوسط بحيرات البترول الضخمة التي ما زالت تحتفظ بأكثر من 90 في المائة من احتياطي العالم في الخليج العربي والجزيرة العربية، وبين أكثر مناطق العالم استهلاكاً لهذه السلعة الاستراتيجية، بحكم أنها مناطق تضم دول العالم الصناعية المتقدمة.
ج- يعد بحراً طويل الساحل، الأمر الذي يترجم جيوبوليتيكياً بالقول: إن السواحل الطويلة لها قدرة طاغية على التحكم في مياه البحر، وفي الملاحة فيها، ونتيجة لهذا فإن الدول المطلة على هذا البحر المتحكمة في سواحله تؤدي دوراً أساسياً في لعبة الصراع الدائرة حوله، وتتحكم بالتالي في هذا الشريان السياسي والعسكري والاقتصادي الذي يربط الشرق والغرب بأقصر طريق ملاحي.

مجلس الأمن يتحرك بصورة عاجلة بشأن أمن البحر الأحمر بعد اختطاف الحوثيين سفينة إماراتية | اليمن السعيد

وعلى سبيل المثال، فإن جمهورية جيبوتي، ومن خلال إطلالتها على مضيق باب المندب ذي الأهمية الاستراتيجية الاقتصادية والسياسية الكبيرة، ظلت -ولا تزال- دولة محورية في الجهود المبذولة للحفاظ على الأمن والاستقرار الدوليين، من خلال التنسيق والتعاون مع القوى الكبرى لحماية الملاحة البحرية، ومكافحة الإرهاب، ومواجهة التحديات الأمنية التي تؤرق المنطقة والعالم بأسره.
ومن الجدير ذكره في هذا السياق أن المملكة العربية السعودية بحدودها الطويلة الملاصقة للبحر الأحمر، من الشمال إلى الجنوب، تمتلك أطول السواحل عليه (1125 ميلاً بحرياً)، ما يعادل 36 في المائة من سواحل البحر الأحمر، كما تمتلك نحو 144 جزيرة من أصل 379 جزيرة متناثرة فيه.

البحر الأحمر في معادلات الأمن العربي - جريدة الأنباء - أرشيف الموقع القديم

يضيف بقوله انه من هذا المنطلق، بذلت المملكة جهوداً متواصلة من أجل تأسيس كيان يجمع دول البحر الأحمر، وهي صاحبة السبق في هذا المجال، إذ يعد ميثاق جدة الموقع في 21 أبريل (نيسان) 1956، بين المملكة العربية السعودية ومصر والمملكة اليمنية المتوكلية، أول دعوة إلى إقامة «نظام أمني مشترك» في البحر الأحمر. وفي عام 1977، دعت السعودية والسودان واليمن الشمالي إلى القيام بآلية تعاون عسكري عربي في تحالف ثلاثي لجعل منطقة البحر الأحمر «منطقة سلام».

و قداستضافت المملكة العربية السعودية في 12 ديسمبر (كانون الأول) 2018، الاجتماع الأول لوزراء خارجية الدول العربية والأفريقية المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن من أجل إنشاء كيان يضم هذه الدول، ويستهدف التنسيق والتعاون بينها، ودراسة السبل الكفيلة بتحقيق ذلك في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والبيئية. وتواصلت المباحثات والجهود بهذا الشأن حتى تم تتويجها في السادس من يناير (كانون الثاني) 2020،

بتوقيع ميثاق تأسيس المجلس استشعاراً من قيادات الدول الثماني الأعضاء (جيبوتي، السعودية، اليمن، أريتريا، السودان، الأردن، مصر، الصومال) لأهمية التنسيق والتشاور حول الممر المائي الحيوي الذي يمثل أهمية اقتصادية وتجارية واستثمارية للاقتصاد العالمي بأكمله، باعتبار البحر الأحمر المعبر الرئيسي للتجارة العالمية بين دول شرق آسيا وأوروبا. وقد صادق على انطلاق مجلس الدول العربية والأفريقية المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن، ومقره الرياض، نحو خمس دول حتى اللحظة الراهنة، ومن المتوقع انطلاقه رسمياً في أقرب الآجال.

ما أود تأكيده في ختاممقالته هذا هو أن البحر الأحمر أهم بحار العالم، بخصائصه الاستراتيجية والاقتصادية، وهذا يفرض تكاتفاً إقليمياً بين الدول ذات الصلة المباشرة به، وتعزيز التنسيق والتعاون من أجل حماية أمنه، من خلال مجلس الدول العربية والأفريقية المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن، ومنظمة «إيغاد»، ومجلس التعاون لدول الخليج العربية، كما يستوجب الأمر تعاوناً وتنسيقاً عالمياً من أجل القضاء على أي مهدد أمني أو بيئي أو اقتصادي لكون البحر الأحمر ممراً للتجارة الدولية، وحلقة وصل استراتيجية بين قارات العالم. لذا، فبالدرجة التي يعد أمنه البيئي والإنساني والسياسي مسؤولية الدول المطلة عليه، فإن لبقية الدول ذات المصالح المتقاطعة دوراً مهماً في استقراره وأمنه، من خلال التعاون مع دوله المطلة عليه، وتحديداً المجلس الجديد قيد الإنشاء.

 

 
Show More
Back to top button
error: Content is Protected :)