Home

د. منى صبحى تكتب : النقل البحري فى البلدان الاسلامية بين حرب المضايق وتهديدات القرصنة

يمثل العالم الاسلامى أحد الكيانات الاستيراتيجية الهامة على المستوى العالمى من الناحية الجغرافية والسياسية والحضارية وتتزايد أهميته الجيوبوليتيكية فى تنافسها للعديد من القوى فى الوقت الحالى وبالنظر إلى خريطة النقل البحرى نجد أن دول العالم الإسلامى تتمتع بموقع جغرافى متميز أثر تأثيراً كبيراً فى حركة التجارة الدولية حيث تشرف على جبهات بحرية طويلة على سواحل المحيطات والبحار الرئيسية وكذلك إشراف بعضها على المضايق والممرات البحرية العالمية التى تتحكم فى حركة التجارة الدولية مثل مضيق جبل طارق ومضيق هرمز ومضيقا البسفور والدردنيل وقناة السويس ومضيق باب المندب ومضيق ملقا .

كما يشير تقرير الأونكتاد أن من أكبر 35 دولة فى العالم فى امتلاك السفن توجد تسع دول إسلامية وهى على الترتيب ( تركيا والإمارات وماليزيا وإيران وأندونيسيا والسعودية والكويت وعمان وقطر ) حيث تكمن القوة البحرية فى دول العالم الإسلامى فى ثلاثة مراكز الأول ما بين المحيط الهندى والهادى ، والثانى الخليج العربى ، والثالث فى البحر المتوسط .

يتمتع موقع العالم الإسلامى بإشرافه على العديد من الأذرع والمضايق البحرية التى تتحكم فى حركة التجارة الدولية وهى كما يلى :

1 _ قناة السويس :                           2 _ مضيق باب المندب .

3 _ مضيق هرمز فى الخليج العربى  .     4 _ مضيق جبل طارق ومضيق طنجة .

5 _ مجموعة المضايق التى تمتد بين جزر أندونيسيا .

 وهى ( مضيق ملقا إلى جانب مضيق كاريماتا ( بين الساحل الغربى لجزيرة بورينو والساحل الشرقى لجزيرة سومطرة ) ومضيق مكسر ( بين جزيرتي بورينو وسيليبيس ) ومضيق مولوكا ( بين جزيرتي سيليبيس وهلما هيرا ) وتمثل مسارا هاما لحركة النقل البحرى بين دول آسيا الصناعية ودول الخليج العربى .

كما تشرف العديد من الدول الإسلامية على البحار الداخلية مثل البحر الأحمر والبحر المتوسط والخليج العربى ، وبالنسبة لأطوال السواحل على المحيطات الرئيسية فبلغت أطوالها فى دول العالم الاسلامى 27808 كم ، و44766 كم على البحار أى تبلغ أطوال السواحل 72574 كم  وبمقارنتها بالمساحة التى بلغت 31.497.422 كم نجد أن متوسط نصيب العالم الإسلامى قليل من السواحل ويرجع ذلك لوجود العديد من الدول الحبيسة والتى تحتل مساحة كبيرة وخاصة فى وسط آسيا ، ولكن مما يزيد العالم الاسلامى أهمية اشرافه البحرى وتحكمه فى طرق الملاحة الرئيسية

وتعتبر المضايق البحرية من أهم النقاط المحورية والحساسة ويعد مضيق هرمز أحد أهم الممرات المائية في العالم وأكثرها حركة للسفن، ويقع في منطقة الخليج العربي فاصلاً بين مياه الخليج العربي من جهة ومياه خليج عمان وبحر العرب والمحيط الهندي من جهة أخرى، وتطل عليه من الشمال إيران (محافظة بندر عباس) ومن الجنوب سلطنة عمان (محافظة مسندم) التي تشرف على حركة الملاحة البحرية فيه باعتبار أن ممر السفن يأتي ضمن مياهها الإقليمية. ويعتبر المضيق في نظر القانون الدولي جزءا من أعالي البحار، ولكل السفن الحق والحرية في المرور فيه ما دام لا يضر بسلامة الدول الساحلية أو يمس نظامها أو أمنها، ويضمّ المضيق عدداً من الجزر الصغيرة غير المأهولة، أكبرها جزيرة قشم الإيرانية وجزيرة لاراك وجزيرة هرمز، بالإضافةً إلى الجزر الإماراتية الثلاث المحتلة من قبل إيران (طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى). ويبلغ عرضه 50 كم (34 كم عند أضيق نقطة) وعمقه 60 متراً، ويبلغ عرض ممرّي الدخول والخروج فيه ميلين بحريّين (أي 10,5كم). وتعبره 20-30 ناقلة نفط يوميا، بمعدّل ناقلة نفط كل 6 دقائق في ساعات الذروة – محمّلة بنحو 40% من النفط المنقول بحراً على مستوى العالم.

وهناك العديد من التهديدات الايرانية بإغلاق مضيق هرمز امام الملاحة الدولية، ولكن يجب الرجوع إلى الأسس القانونية، ففي قانون البحار الدولي لعام 1982 والذي يعد القانون الدولي الاساسي الذي يحكم شؤون البحار والمضايق البحرية في العالم، تم تصنيف مضيق هرمز بكونه “ممرا مائيا دوليا” دون وجود أي قيود تعيق “حق المرور” Transit passage“. وهذا التصنيف لا يمنح الدول المطلة على الممر المائي “المضيق” حقوق السيادة الكاملة. ولا تمتلك الدول المطلة حق اغلاق الممر المائي ، او التدخل في حرية الملاحة عبر مياهه، او اعاقة ومنع السفن من استخدام الممر والملاحة بجميع اجزائه ، ذلك بغض النظر عن هوية السفينة العابرة (علمها المرفوع) او طبيعة مهمتها (عسكرية او مدنية) ، وتحت أي ظرف من الظروف.

وكانت تخضع الملاحة في مضيق هرمز لنظام الترانزيت الذي لا يفرض شروطاً على السفن طالما أن مرورها يكون سريعاً، ومن دون توقف أو تهديد للدول الواقعة عليه. ومع اكتشاف النفط ازدادت أهمية المضيق الاستراتيجية نظراً للاحتياطي النفطي الكبير في المنطقة، وبقي المضيق موضوع رهان استراتيجي بين الدول الكبرى 

كما تعد قناة السويس من أهم الممرات الملاحية فى دول العالم الإسلامى والتى تلعب دوراً بارزاً فى حركة التجارة الدولية وتسعى مصر بكافة الطرق للمحافظة على التنافسية الاقليمية للقناة وتم ذلك من خلال عملية ازدواج مجرى القناة بطول 72 كم ( قناة السويس الجديدة ) وإحداث تنمية بإقليم القناة ليصبح مركزاً لوجيستياً عالمياً بما يمتلكه الإقليم من موانئ بحرية مثل ميناء شرق بورسعيد وميناء العين السخنة ومناطق صناعية عامة وحرة ومناطق اقتصادية ، كما شهدت المنطقة حالياً تطوير شبكات النقل والأنفاق لربط الوادى والدلتا بسيناء مما يؤكد أن المنطقة تعد همزة وصل رئيسية بين دول العالم الإسلامى فى أفريقيا وآسيا .

ومن المضايق الهامة باب المندب* فى المدخل الجنوبى البحر الأحمر والذى يصل البحر الأحمر ببحر العرب والمحيط الهندى وتشرف عليه اليمن من الشرق والصومال من الغرب ، وتشطر جزيرة بريم هذا المضيق إلى قناتين واحدة صغيرة وتسمى قناة اسكندر ويبلغ عرضها 3 كم وتقع بين ساحل الجزيرة وساحل اليمن ويبلغ طولها 5 كم ، بينما القناة الثانية وهى الكبرى اسمها دقة المايون وتقع بين الساحل الغربى لجزيرة بريم والشواطئ الإفريقية ويبلغ طولها 16 كم فى المنطقة ومواجهة الحيثيين فى اليمن ، والمضيق يلعب دوراً هاما فى حركة التجارة الدولية بين الشرق والغرب وعرضها 25 كم ويصل عمقها إلى 310 متر ،ولقد شهد

“يعرف باب المندب باسم باب الدموع بسبب المخاطر التى تتعرض لها السفن خلال مرورها بسبب وجود مجموعات من الصخور البارزة التى تعترض طريق الملاحة فيه وقد عرف أيضاً باسم مدخل بحر القلزم ، وعرف باسم مضيق باب المندب لأنه المكان الذى ينتدب فيه حراس الأمن .

طوال الفترات السابقة مشكلات متعددة من قبل القراصنة وكذلك الحروب عبر الخط الملاحى الشرق الأقصى أوروبا

أما مضيق جبل طارق فهو يربط بين دول أفريقيا ( المغرب ) وأوروبا ( أسبانيا )  ويعد همزة الوصل بين البحر المتوسط والمحيط الأطلنطى ويشكل نقطة الانطلاق لدول العالم القديم نحو شمال غرب أوروبا والأمريكتين فى العالم الجديد ، ويصل طوله 58 كم ويعد مضيق جبل طارق المدخل الغربى لأقصر طريق ملاحى يربط الغرب بالشرق أو المحيطين الأطلسى والهندى عن طريق قناة السويس .

وبالنسبة للمضايق التركية فتشمل البسفور وبحر مرمرة والدردنيل وتربط البحر الأسود بالبحر المتوسط بالبحار العالمية والمحيطات وتعد هذه المضايق مخرجا للطرق المائية الكبرى التى تقطع شرق أوروبا ووسطها نحو العالم مثل أنهار الدانوب والدنيبر والدون والفولجا وجميع موانى البحر الأسود

كما توجد مضايق أخرى فى جنوب شرق آسيا وهى مضيق ملقا ويقع بين ماليزيا الغربية وجزيرة سومطرة ( إندونيسيا ) وتشرف عليه ماليزيا وإندونيسيا ومضيق السندا ويقع بين جزيرة جاوة وجزيرة سومطرة وتشرف عليه إندونيسيا  .

وتنتشر القرصنة البحرية فى مناطق معينة من العالم الإسلامى ولعلها تكون هى الأكثر سخونة فى العالم وهى منطقة المياه الصومالية وخليج غينيا فى غرب أفريقيا وقد نتج عن ذلك نشر ائتلاف دولى من القوات البحرية لمحاربة القرصنة بالاضافة إلى منطقة جنوب شرق آسيا .

وتعتبر الإمكانات البحرية والجيوستراتيجية لمنطقة خليج غينيا كبيرة للغاية وتتمثل فى موارد بحرية ومعدنية ضخمة مثل النفط، والماس، والذهب والأسماك  وتتوافر

بها  احتياطيات كبيرة من النفط والغاز حيث يتركز 70% من مخزون إفريقيا من النفط في الساحل الإفريقي الغربي من منطقة خليج غينيا ، ومن بين الدول المنتجة للنفط في هذه المنطقة نيجيريا، وأنغولا، وغينيا الاستوائية، والكاميرون، وجمهورية الكونغو الديمقراطية والغابون  كما انضمت غانا للدول المنتجة للنفط فى 2010 بالاضافة إلى الاكتشافات النفطية فى ليبيريا وزيادة الاحتياطيات .

وتتميز المنطقة بقربها من أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية مما يعزز الأهمية الاستراتيجية لإمدادات المنطقة من الطاقة العالمية ، وعلى الرغم من أهمية تلك المنطقة بحريا إلا أنها تعانى من الضعف الأمنى نظرا لطول السواحل المقدرة بستة آلاف كم والممتدة من السنغال في غرب إفريقيا مرورا بالكاميرون في وسط إفريقيا انتهاء بأنغولا في جنوب إفريقيا ، كما تعانى من التهديدات الاقتصادية والسياسية والبيئية مثل الاتجار بالمخدرات والتموين الغير قانوني بالنفط  وتخريب أنابيب النفط والصيد غير المشروع والسطو البحري وأيضاً التهديدات البيئية وتآكل السواحل ومشكلة التلوث البيئى بسبب إلقاء النفايات السامة وانتشار الأسلحة الصغيرة إضافة للتهديد المحتمل الذي يمثله الإرهاب البحري.

وبسبب ذلك  فقد اعتمد مجلس الأمن قرارين : القرار 2018 في أكتوبر/تشرين الأول 2011 والقرار 2039 في فبراير/شباط 2012 اللذان دعيا إلى المزيد من التنسيق الإقليمي والدعم اللوجستي لمبادرات الأمن الإقليمي من أجل مكافحة التهديدات المتزايدة للقراصنة في المنطقة   ،  

 

  .

Show More
Back to top button
error: Content is Protected :)