Home

انهار: ماذا يقول اشتراوس لو قام من رقدته ويرى نهر الدانوب لم يعد ازرقا !

 

ماذا لو قام اشتراوس من رقدته بعد ان الف مقطوعته الموسيقية الرائعة الدانوب الازرق وهو يري ماقد حدث له اليوم

فقد عزف الملحن والمؤلف الموسيقي والمايسترو النمساوي يوهان شتراوس «الابن» رائعته الشهيرة «فالس الدانوب الأزرق»، التي ألفها عام 1866، ليقدم من خلالها مقطوعة خالدة في عالم الموسيقى، عرضت لأول مرة في 13 فبراير 1867، وتعد من أشهر المقطوعات الكلاسيكية ذات الشعبية الكبيرة. ويعتبر هذا العمل أيقونة متفردة بكل تفاصيلها، فقد كتبت لها كلمات تغنّي للنمسا ولجمال وحب وعطاء نهر الدانوب، ولهذه المقطوعة مكانة خاصة في قلوب النمساويين لدرجة أنها تعتبر النشيد الوطني غير الرسمي للنمسا.

فلم يعد نهر الدانوب يستحق تسميته بـ “الدانوب الأزرق” اليوم ، إذ باتت مياهه آسنة وأصبح ملوّثا ومختلطا بالفضلات البشرية نتيجة التخلّص من مخلفات العاصمة بلغراد في ثاني أطول أنهار القارة الأوروبية.

فنهر الدانوب (بالألمانية: Donau; بالسلوفاكية: Dunaj; بالمجرية: Duna; بالكرواتية: Dunav; بالصربية: Дунав/Dunav؛ بالبلغارية: Дунав; بالرومانية: Dunăre; بالأوكرانية: Дунай/Dunay; باللاتينية: Danuvius) هو من اشهر انهار المانيا, يمر بعدة دول في اوروبا اضافة إلى المانيا مثل سلوفاكيا، النمسا، المجر، صربيا، بلغاريا ورومانيا.

نهر الدانوب ثاني أطول أنهار أوروبا بعد نهر الفولجا، ويجري الدانوب على طول 2,860كم من منبعه بألمانيا إلى مصبه في البحر الأسود في أوروبا الشرقية. وتبلغ مساحة حوض هذا النهر نحو 815,800كم².

وهو ينطلق عند ملتقى نهرين صغيرين بالغابة السوداء بألمانيا، ويشق طريقه ملتوياً نحو الشرق عبر ألمانيا والنمسا على طول جزء من الحدود بين سلوفاكيا والمجر، ثم يتقوس جنوباً قرب بودابست بالمجر، ثم يشق طريقه عبر المجر ويعبر يوغوسلافيا. وفي مكان أبعد يُمثل جانباً من الحدود بين كرواتيا ورومانيا، وجانباً على الحدود بين رومانيا وبلغاريا، ثم يجري النهر نحو الشرق ليكوِّن جزءًا من الحدود بين رومانيا وأوكرانيا وينقسم إلى ثلاثة أفرع قبل أن يصب في البحر الأسود، ويُكوّن الفرع الثالث الأكثر اتجاهًا نحو الشمال بقية الحدود بين رومانيا وأوكرانيا.

ولكن على مقربة من الوسط التاريخي للعاصمة الصربية، يتقدّم صهريج نحو ضفة الدانوب بعدما فُتِحَ أمامه الحاجز لتمكينه من المرور، وفي مياه النهر العظيم، يُفرغ حمولته من المياه المبتذلة، وتفوح رائحة مقززة من هذا السائل البنيّ المليء بالغائط والذي يختلط بمياه النهر.

لاتنسي ان سبب تسمية نهر الدانوب بالأزرق وذلك لأن الموسيقار النمساوي يوهان شتراوس والمعروف بملك الفالس (مقطوعة موسيقية) ومن أشهر مؤلفاته الموسيقية هي الدانوب الازرق، لأنه كان يستلهم ألحانه من نهر الدانوب.
في يوم الاثنين الموافق 5/10/2010م تسربت بقعة من الطمي الأحمر السام من خزان متهالك لمنشأة كيماوية (مصنع للبوكسيت والألمنيوم) تقع في منطقة آيكا إلى الغرب من العاصمة بودابست ووصلت إلى نهر الدانوب، حيث انتشر أكثر من مليون متر مكعب من الأوحال الحمراء السامة التي نجمت عن حادث صناعي في كارثة وصفت بغير المسبوقة، وباتت تهدد بتلويث النظام البيئي لثاني أنهار أوروبا طولاً. ووصلت بقعة الطمي إلى منطقة موسوني عند حدود المجر مع سلوفاكيا والنمسا، حيث يقع أحد تفرعات الدانوب. وانتقلت موجة الطمي المحملة ببقايا البوكسيت وبالمعادنَ الثقيلة والسامة كالرصاص والحديد والكادميوم والزرنيخ والكروم والزئبق وتسببت بقتل آلاف الأسماك في نهر ماركال (أول منطقة تضررت بالتسرب) الذي تحاول السلطات خفض قلويته باستعمال الأحماض والجبص، وأثرت على الغطاء النباتي في المنطقة، وتتزايد المخاوف بنفوق كميات هامة من الأسماك في الشطر المجري للنهر بسبب ارتفاع تركيز العناصر الثقيلة في النهر وبالتالي إرتفاع مستوى القلويات.
واشتكى سكان كثيرون من حروق وإلتهابات في الأعين أثارتها المعدلات المرتفعة للرصاص والعناصر المؤكسدة الأخرى الموجودة في الحَمَأة السامة. حيث أن مثل تلك العناصر السامة تكون حارقة ومهيجة للجلد والعيون، وإذا تم لمسه، فإنه يلحق أضراراً بالصحة، وهذا هو السبب الذي أدى إلى نفوق الآلاف من الأسماك في نهر ماركال.
وهنا لا يأتي الخطر من هذه الكارثة عن طريق الجراثيم أو الميكروبات بل إنه خطر كيميائي لأن المصنع المتسبب في هذه الكارثة هو مصنع ينتج الألمونيوم، ونفايات هذا المصنع لا تحتوي فقط على نفايات الألمونيوم بل تحتوي أيضاً على نفايات أخرى مضرة للبيئة مثل كالعناصر الثقيلة مثل: الرصاص والحديد والكادميوم والزرنيخ والكروم والزئبق وغيرها من النفايات. وقد أصبحت التربة ملوثة بكل هذه النفايات الكيمائية.
والخطر الأول هو خطر بيئي لأن التربة والمواد السامة سوف تختلط بالمياه. وسيكون الاختلاط أولاً بالمياه السطحية ثم ينقل إلى المياه الجوفية وهنا يكمن الخطر. وعندما توجد كل هذه المكونات في المياه فإن درجة الحموضة سترتفع فيها، وستدمر كل النباتات وستصيب الحيوانات، والإنسان أيضاً سيتعرض إلى خطر هذه النفايات في المستقبل عن طريق الخضار واللحوم التي سيستهلكها وذلك على المدى البعيد. وأشارت التحاليل الميدانية التي أجريت إلى أن مستوى الزرنيخ بلغ 110 ملغ/كلغ وهو ضعفي مستواه الطبيعي. كما كانت نسبة الزئبق مفرطة ويمكن أن تمتصه الأسماك مما سيؤثر سلباً عليها وعلى الحيوانات المائية ككل في تلك المنطقة وعلى الإنسان الذي سيستهلكها.
وسيزيد هذا التلوث البيئي من نسبة بعض الأمراض مثل :
1- مرض الباركنسون .
2- التسمم في الدم .
3- مرض الألزيمر .
والمشكلة الرئيسية التي قد تحدث : إذا ما جف السيل الطيني ، حيث سيتحول إلى غبار، وسينتشر ويغطي مناطق أكبر، وإذا تم استنشاقه ودخل إلى الرئتين، يمكن أن يؤدي ذلك إلى مشاكل صحية خطيرة. هذا ومن المحتمل حدوث كارثة على مستوى أكبر في حال وصول المواد السامة إلى البحر الأسود.
وتتطلب هذه المواد السامة فترة زمنية قد تطول لبضع سنين لكي تذوب في الطبيعة ، فمع عدم وجود المعلومات عن حجم الرصاص والكروم والحديد والكادميوم والزئبق والألومنيوم والزرنيخ وغيرها من المواد السامة التي أطلقت في الطبيعة تكمن الخطورة على كل المكونات البيئة : النباتات والحيوانات والإنسان.
والجدير بالذكر أن هذه المشكلة هي ليست وليدة ساعتها فقد سبق للمهتمين المحليين بالبيئة في المجر أن لفتوا انتباه الحكومة إلى مخاطر الحمأة السامة المخزنة وذلك منذ سنوات (والذي تقدر كميته 30 مليون طن من النفايات)، مشيرين إلى تقرير سابق لهم (منذ عام 2003م), وهي أكبر كمية من النفايات السامة في المجر، حيث أن إنتاج طن واحد من الألومينا يسفر عن إنتاج 2 طن من النفايات السامة. يذكر أنه هذه ليست المرة الأولى التي يتعرض نهر الدانوب فيها إلى التلوث، ففي 30 كانون الثاني من عام 2000م تدفقت 100.000 متر مكعب من الفضلات السامة والملوثة بالزرنيخ السام من أحد مناجم الذهب في شمال غرب رومانيا إلى روافد نهر تيسزا, فوصلت سموم الزرنيخ إلى نهر الدانوب مما أدى إلى تلوثه.

وبسبب الملوثات من هذا النوع، لم يعد النهر يستحق تسمية “الدانوب الازرق” التي اتخذها يوهان شتراوس عنواناً لمقطوعته الموسيقية الشهيرة، إذ بات لونه الفعلي بعيداً جداً من ذاك الذي تغنى به المؤلف النمسوي من خلال لحنه.

ويشكّل إفراغ مياه الصرف الصحي يومياً عملاً “كارثياً” بالنسبة إلى صيادين يعتاشون من الدانوب ورافده نهر سافا اللذين يرسم التقاؤهما عند ضفة قلعة بلغراد القديمة مشهداً رائعاً.

ويقول أحد هؤلاء الصيادين ويدعى دراغوليوب ريستيتش (59 عاماً) “أرغب في البكاء، والجميع لا يأبه”.

لا تتصل بيوت نحو ثلث سكان بلغراد البالغ عددهم 1.6 مليون نسمة بشبكة الصرف الصحي، بل يعتمدون على الحفر الصحية التي يرمى محتواها مباشرة في الأنهر، وكذلك تصبّ في المكان نفسه مياه الصرف الصحي لأولئك المتصلين بالشبكة، وعبر مئات الأقنية والأنابيب.

وتقدّر وزيرة البنى التحتية الصربية زورانا ميخايلوفيتش كمية المياه الآسنة التي تفرغ كل سنة في مجاري بلغراد المائية بنحو 190 مليون متر مكعّب، ما يعادل سعة 60 ألف مسبح أولمبي.

ويقول نائب رئيس بلدية بلغراد غوران قيسيتش إن “أي مدينة كبرى أخرى في أوروبا لا تقترف مثل هذه الجريمة ضد أنهرها”، مطالباً بمنظومة حقيقية لمعالجة المياه المبتذلة.

وينبع الدانوب من ألمانيا ويتجه شرقاً، قاطعاً مسافة 2850 متراً عبر تسع دول أخرى، ليصبّ في البحر الأسود.

وفي العام 2019، حذّر علماء نمساويون من بلوغ البكتيريا القولونية البرازية مستويات “خطرة” في الجزء الصربي من الدانوب، وهو ما يؤشر بحسب الخبراء المحليين إلى تلوث عضوي قوي.

ويوضح أيغور يزديميروفيتش من منظمة “إنفيرونمنت إنجينيرينغ” غير الحكومية أن هذه الجرثومة يمكن أن تؤدي، في حال استهلاكها، إلى التهابات في البول أو إلى التهابات رئوية.

ونظراً إلى قوته وضخامته، يستطيع الدانوب أن “ينظف نفسه” بصورة جيدة نسبياً من المخلفات العضوية.

ويشرح أستاذ الكيمياء بوزو دالماسيا الذي يدير دراسات عن جودة المياه في صربيا أن الجسيمات الجرثومية لا تبلغ في معظم فترات السنة المستوى الخطر وهو 500 ميكروغرام في الميلليلتر الواحد.

لكن أولئك الذين أمضوا حياتهم على الدانوب يؤكدون أنهم لاحظوا تدهوراً في مياهه، وتراكما لمواد تقلّص عمق النهر.

ولا تتوافر دراسات علمية كثيرة عن الموضوع، لكنّ الصيادين يشيرون إلى تغيير في تنوّع الأسماك، إذ تناقصت أنواع كانت تعتبر أسماكاً راقية، وزادت أخرى تتغذى من المخلفات العضوية.

ويأسف الصياد ملادن يوفيتش (59 عاماً) قائلاً “لقد قتلوا كل أنهرنا، والآن سيقتلون هذا النهر. الدانوب نهر قوي جداً يعالج (التلوث) بنفسه ولكنه لن يستطيع أن يفعل إلى الأبد”.

يذكر ان  السفن التجارية والبرجات (مراكب لنقل البضائع)  تنقل كميات هائلة من بضائع الشحن على نهر الدانوب، وتتمثل في المواد الزراعية، والمواد الكيميائية، والمواد المعدنية الخام، والفولاذ، ومواد أخرى. ويوجد نحو 35 ميناء رئيسياً على طول النهر.

وقد شيد بضع دول سدوداً ومحطات للطاقة الكهربائية على نهر الدانوب، وأكبر سد هو سد البوابة الحديدية، وهو ممر ضيق على الحدود بين يوغوسلافيا ورومانيا، وتستفيد رومانيا ويوغوسلافيا من الكهرباء التي تنتجها محطة الطاقة الموجودة على السد.

وتربط مجموعة من القنوات نهر الدانوب بعدة مجار مائية أخرى. وقد تم تشييد القناة الرئيسية لنهر الدانوب في بداية التسعينيات من القرن العشرين وهي تربط نهر الدانوب بالنهر الرئيسي الذي هو فرع من نهر الراين، وقد مكنت هذه القناة السفن من التنقل بين البحر الأسود وبحر الشمال.

 

Show More
Back to top button
error: Content is Protected :)